وداعـاً للإدارة .... لنـتـخـلص مـِن الإدارة

هل يريد الناس أن يُداروا ؟
أم إن الناس يريدون أن يُقادوا ؟
نتائج أغلب الدراسـات الميدانية تقول : إن الناس يريدون أن يُقادوا .
لـمـاذا ؟ ... وكيف ؟
لذلك يجب أن نتعرف على مفهوم كل من الإدارة والقيادة ، ولذلك نمهد بالقول :
هناك نمطان في إدارة المؤسـسات المختلفة التقليدية وغير التقليدية :
الأول : النمط الإداري .
الثاني : النمط القيادي .
في النمطين يقوم المديرُ بإنجاز الأعمال بواسطة الأخرين ، فالتفويض الفعال الناجح أداة محورية يحتاج اليها المديرُ وكما هو حال القائد في ذلك ، طبعاً القائد يعتمد على التفويض أكثر من المدير بكثير ، فمنْ يباشـر بنفسه إنجاز الأعمال ليس بقائد أوبمدير ، بل هو مُـنـفـِّذ أو مباشـر أو مُـجري جيد في أحسن الأحوال ، وسـيـفـشل حتماً حتى في صناعة مدراء جدد ، وغاية ما في الأمر أنه يمكن أن ينجح في إعداد بعض الكوادر التنفيذية الإجرائية الإتكالية.
في النمط الثاني المديرُ يركز إهتمامه على أمور منها :
- الستراتيجيات والقيم والسياسات العامة والكليات تاركاً التكنيكات والخطط التنفيذية والجزئيات الى أخرين .
- المستقبل وإسـتـشـرافـه .
- إعداد ستراتيجيات لإنتاج قادة وموارد لذلك المستقبل .
- مواجهة الأزمات والتحديات والقضايا المصيرية .
- التغيير والتجديد نحو الأحسن والأفضل .
- شحذ الهمم وإستخدام الإقناع والحوافز بدلاً من الإكراه والعقوبات لتحويل أهداف المؤسسة أوالمجموعة الى نتائج وإنجازات ملموسة ومقنعة من قبل أعضاء المؤسسة من ناحية ، والمستهدفين بواسطة المؤسسة من ناحية ثانية ( المخاطبين أو العملاء ) ، والمجتمع من ناحية ثالثة .
- الموازنة بين الإهتمام بالإنجاز أو الإنتاج من جهة ، و الإهتمام بالعلاقات الإنسانية من جهة ثانية.
ولذلك يـُقـال :
القائـد رجل المـسـتـقـبل والأزمات والتغيير ، وهو المسؤول عن الستراتجيات وصناعة المستقبل وقادتـه الذي لا ينسى الـحـاضـرَ ، ولا ينتظر ظهور القادة ، ولا يـسـمـح بسيادة المستقبل على الحاضر كما لا يـسـمـح بوقوع العكس ، ويعمل القائـد بقلبه وعقله معاً مـُعـتـمـِداً على الإقناع والنفوذ وقوة التأثير والحوافز والتحميس لتحويل الأهداف الستراتيجية الى إنجازات ملموسة مع تحاشي التضحية بالإنتاجية على حساب العلاقات الإنسانية أوالعكس وفي وصف ضرار بن ضمرة الكناني لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :
(( كان بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله .))
الإستيعاب – ابن عبد البر- ج3 - 1107
المدى : الغاية والنهاية
التدبير : النظر في عاقبة الأمر ، أي الى مايؤول إليه عاقبته كالتدبر.
في محيطنا المؤسسات التي تـُدار أكثر بكثير من تلك التي تـُقاد ، هناك إدمان قديم على النمط الإداري ، وإبتعاد متأصل عن النمط القيادي ، ولذلك وغيره يكون تقدم المؤسسات محدوداً وتكتيكياً ، ومنحصراً في مرحلة التأسيس وبداياته غالباً ، لتنتشر الصراعات وتتوالى الأزمات والنكسات فيما بعد التأسيس ، وتزداد الإنشقاقات ، فتـُصـاب بالهـِرم والشيخوخة في تدبير امورها وتسيير شؤونها وتخديم أهدافها الأساسية لأداء رسالتها وتحقيق رؤيتها ، فـتـُهـزم في المنافسات ، وتفشل في تحمل مسؤولياتها ، وليس هذا فحسب بل المؤسسات التي لا تعتمد النمط القيادي تكتب على نفسها بالفشل المحتوم في صناعة القادة للمؤسسة من جهة وللمجتمع من جهة اخرى وتسويقهم في الإتجاهين ، فلا تتمكن من الإستمرار مع التقدم المستدام ، فتفقد مبررات وجودها الميدانية وقدرتها على البقاء ، وبالتالي تعجز من التحوّل إلى مؤسسات تشاركية قيادية أورائدة تتميز بالنفوذ وقوة التأثير والقدرة العالية على الإستقطاب والإجتذاب والإستيعاب والمشاركة والتغييرالمتواصل نحو الأحسن والأفضل . فالمؤسسة التي تمطح في النجاح والتحول الى مؤسسة
تشاركية قائدة أورائدة في المجتمع لابدّ وأن تنتقل الى النمط القيادي ، وتجعل على رأس أولوياتها الستراتيجية مهمة صناعة القادة وإعدادهم تنقيباً ، إكتشافاً ، تدريباً ، تجريباً ، تقيماً ، تأهيلاً ، وتسويقاً ، لانه لا سبيل لإستمرار المؤسسة ونجاحها ولا سيما في مجال صناعة القادة إلا بإعتماد وتكريس النمط القيادي في إدارة الأمور، ففي ظل النمط القيادي يمكن أن يظهر وينمو المؤهلون للقيادة بإستمرار ، وبصورة طبيعية وتدريجية وفاعلة تنقذ المؤسسة والمجتمع معاً من الفراغ القيادي ، وتنتشل المشاريع الستراتيجية التي يستغرق إنجازها أكثر من جيل من البتر والإنقطاع .
اسـئلة للحوار :
لماذا تتعثر المؤسسات في صناعة وإنتاج جيل جديد من القادة ؟
لماذا تتعثر المؤسسات في التحول الى مؤسسة قائدة في المجتمع لتقود المؤسسات في المجتمع بإتجاه الأهداف التي تعتقد بها بدل الذوبان في تحقيق وتنفيذ تلك الأهداف بنفسها؟
هل لأن تطبيق النمط القيادي في العمل مهجور؟
إذن من الواجب ان نخطط ونعمل لنكون كأفراد ومؤسسات قادة ، وذلك بحاجة الى التعرف والتمييز بين مفهوم الإدارة والقيادة ، والتمييز بين الوظائف والأصول في الإدارة والقيادة ، ولقد تقدم بشكل موجز ذلك فيما يخص القيادة فلنتعرض للإدارة وبإيجاز :
ما هي الوظائف الخمس للإدارة ؟
ماهي الأصول العامة للإدارة ؟
وذلك لنتجنب ذلك ونقوم بتفويضه كي نتفرغ للقيادة أو لنبدأ برحلة الإنتقال من النمط الإداري الى القيادي في العمل فالى ذلك :
أولا : الوظائف الخمس للإدارة :
التخطيط: هذه الوظيفة الإدارية تهتم بتوقع المستقبل وتحديد أفضل السبل لإنجاز الأهداف التنظيمية.
التنظيم: يعرف التنظيم على أنه الوظيفة الإدارية التي تمزج الموارد البشرية والمادية من خلال تصميم هيكل أساسي للمهام والصلاحيات.
التوظيف: يهتم باختيار وتعيين وتدريب ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب في المنظمة.
التوجيه: إرشاد وتحفيز الموظفين باتجاه أهداف المنظمة.
الرقابة: الوظيفة الإدارية الأخيرة هي مراقبة أداء المنظمة وتحديد ما إذا كانت حققت أهدافها أم لا.
مثال : أصول ((فايول)) للإدارة
ملاحظة : أختيارنا لأصول فايول هو من باب المثال فقط ، وهناك إنتقادات وتطويرات حديثة ، ونواقص مثل إهمال الإخلاق لأنها ليست ثوباً يمكن أن يخلعه الموظف بدخوله مجال العمل ، والحاجات الروحية ، وما الى ذلك فراجع .
هنري فايول (1841 – 1925) مؤلف كتاب "النظرية الكلاسيكية للإدارة"، عرّف الوظائف الأساسية الخمسة للإدارة (التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه، الرقابة). وطوّر الأصول الأساسية الأربعة عشر للإدارة والتي تتضمن كل المهام الإدارية.
كمشرف أو مدير، سيكون عملك عبارة عن مباشرة تنفيذ الوظائف الإدارية. أشعر أنه من المناسب تماما مراجعة الأصول الأربعة عشر للإدارة الآن. استخدام هذه الأصول الإدارية (الإشرافية) سيساعدك لتكون مشرفا أكثر فعالية وكفاءة. هذه الأصول تعرف بـ "أصول الإدارة" وهي ملائمة للتطبيق على مستويات الإدارة الدنيا والوسطى والعليا على حد سواء.
الأصول العامة للإدارة عند هينري فايول:
1- تقسيم العمل: التخصص يتيح للعاملين والمدراء كسب البراعة والضبط والدقة والتي ستزيد من جودة المخرجات. وبالتالي نحصل على فعالية أكثر في العمل بنفس الجهد المبذول.
2- السلطة: إن إعطاء الأوامر والصلاحيات للمنطقة الصحيحة هي جوهر السلطة. والسلطة متأصلة في الأشخاص والمناصب فلا يمكن تصورها كجزء من المسؤولية.
3- الفهم: تشمل الطاعة والتطبيق والقاعة والسلوك والعلامات الخارجية ذات الصلة بين صاحب العمل والموظفين. هذا العنصر مهم جدا في أي عمل، من غيره لا يمكن لأي مشروع أن ينجح، وهذا هو دور القادة.
4- وحدة مصدر الأوامر: يجب أن يتلقى الموظفين أوامرهم من مشرف واحد فقط. بشكل عام يعتبر وجود مشرف واحد أفضل من الازدواجية في الأوامر.
5- يد واحدة وخطة عمل واحدة: مشرف واحد بمجموعة من الأهداف يجب أن يدير مجموعة من الفعاليات لها نفس الأهداف.
6- إخضاع الاهتمامات الفردية للاهتمامات العامة: إن اهتمام فرد أو مجموعة في العمل يجب أن لا يطغى على اهتمامات المنظمة.
7- مكافآت الموظفين: قيمة المكافآت المدفوعة يجب أن تكون مرضية لكل من الموظفين وصاحب العمل. ومستوى الدفع يعتمد على قيمة الموظفين بالنسبة للمنظمة. وتحلل هذه القيمة لعدة عوامل مثل: تكاليف الحياة، توفر الموظفين، والظروف العامة للعمل.
8- الموازنة بين تقليل وزيادة الاهتمامات الفدرية: هنالك إجراءات من شأنها تقليل الاهتمامات الفردية. بينما تقوم إجراءات أخرى بزيادتها. في كل الحالات يجب الموازنة بين هذين الأمرين.
9- قنوات الاتصال: السلسلة الرسمية للمدراء من المستوى الأعلى للأدنى "تسمى الخطوط الرسمية للأوامر". والمدراء هم حلقات الوصل في هذه السلسلة. فعليهم الاتصال من خلال القنوات الموجودة فيها. وبالإمكان تجاوز هذه القنوات فقط عندما توجد حاجة حقيقة للمشرفين لتجاوزها وتتم الموافقة بينهم على ذلك.
10- الأوامر: الهدف من الأوامر هو تفادي الهدر والخسائ
11- العدالة: المراعاة والإنصاف يجب أن يمارسوا من قبل جميع الأشخاص في السلطة.
12- استقرار الموظفين: يقصد بالاستقرار بقاء الموظف في عمله وعدم نقله من عمل لآخر. ينتج عن تقليل نقل الموظفين من وظيفة لأخرى فعالية أكثر ونفقات أقل.
13- روح المبادرة: يجب أن يسمح للموظفين بالتعبير بحرية عن مقترحاتهم وآرائهم وأفكارهم على كافة المستويات. فالمدير القادر على إتاحة هذه الفرصة لموظفيه أفضل بكثر من المدير الغير قادر على ذلك. 14- إضفاء روح المرح للمجموعة: في الوحدات التي بها شدة: على المدراء تعزيز روح الألفة والترابط بين الموظفين ومنع أي أمر يعيق هذا التآلف
Add to Google